السبت، 16 أكتوبر 2010

دواديب Dwadeeb 3

دواديب (3)
محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة
صّدّيق محمّد العوض ـ رحمه الله ـ شاعر قرية راما الخوالدة،
التي تقع على طريق ودمدني الفاو بولاية الجزيرة، شاعر من ذوي المقاصد
التّربوية العالية، ففي مجمل شعره الشّعبي الذي تركه رصيداً للثقافة السّودانية، نشهد هذا التوجّه نحو القيم السّودانية الرّاسخة، والتي سعى الشّاعر بكل طاقاته لإبرازها ومخاطبة الأجيال الجديدة بها، واستخدم في خطابه الشّعري الحوار والتّصوير الدّرامي والتّكثيف، فجاء شعره مترعاً بالموسيقا العذبة، فنجده منحازاً إلى إيقاع العمل والعطاء.
أحمـــــد دَقّ حوضو وغَرَّق الكُونِية
وكَرْبتْ يسْقِي حَركَاتُو البِجنّو ضِمِيّة
حِس القَرْعَة بين الجَالْسَة والقُمريَة
زَي صَفقَــــة جَماعَة ولَعْبتُن شَعْبية
والحركات جمع حَرَكَة وهي مجموعة الإبل التي تبلغ المائة، ولحرف الرّاء فيها ترقيق خاص يتقنه اللسان العامّي. فدَقُّ الحوض حركة، وجعل "الكونية" حفرة عميقة لتمسك الماء، حركة أخرى لسقيا الإبل في دفعات ومجموعات منظّمة، وهذا على ضفاف الأنهار والعدود والحفائر وغيرها من مظان الماء في بوادي السّودان، وكربيت الإبل حركة ثالثة، وضربات القرعة على جالسة السّرج حركة رابعة، والجماعة الذين يلعبون ويصفقون تصدر عنهم حركة جامعة لمعنى مخبوء في ثنايا النّص الشّعري الشّعبي؛ وهو أن الفرح والسّرور والغبطة محصّلة تعقب العمل وأداء الواجب المتمثل في حسن رعاية الثّروة الحيوانية، سند الإقتصاد السّوداني عند الشّدائد ومدلهمات الأيام. والشّبه بين حس القَرْعة وضرباتها بين الجَالسة وقُمرية السّرج التي تعني جزءاً منه، وبين صفقة الجماعة ـ وأداة التّشبيه العاميّة " زي" تسد مسد الكاف هنا، وهي تسمّي الهيئة في الفصيح عند كسر الزّين ـ شبه واضح ويمكننا تمثله ومحاكاته وأداؤه ورسم حركته.
والخطوط التي تشكلّ صورة النّص الشّعري الشّعبي عند صّديق محمّد العوض، من الوضوح والجمال بحيث تحدث فينا الأثر القوي، الذي يجعلنا نحذر حذر أبي بكر الخوارزمي من موسيقا البحتري:
يُذَكِرُنيك والذَّكْرَى عَناءٌ مشابه فِيكِ بيّنةُ الشُّكُولِ
نسيمُ الرّوضِ في ريحٍ شمالٍ وبَردُ المَاءِ في رَاحٍ شمولِ( )

فيقول عند سماعه لها: لا تنشدونيها فأرقص طربـًا...
وعند صّديق محمّد العوض ـ رحمه الله ـ رسالة تربوية تعليمية يلتزم بها ويتوخاها في كل مربعاته الشّعرية الشّعبية، فهو ناصح للشّباب، يحثهم على العمل ومساعدة الآباء، ويقوم بإجراء المقارنات بين اليوم والأمس، ويحن إلى القديم الذي يرى فيه الأصالة والعافية للنشء. وتتخذ أشعاره في أحايين كثيرة أشكالاً ناقدة للعديد من الظواهر السّالبة في المجتمع الريفي.
تَعالْ نُوصيك قبُّال ما تَضُوقلك غَشَّة
نَفْسَك فِي مَضَبّات ضَيقة ما تْخَشِشّة
ؤتَلقَى الفِتنة نَايمة أوْعَاك مَا تكشْكشّه
والعَقْربْ كَمان فِي ضَنَبها ما تَهَبشّه

نصيحة غالية ما أحوجنا إليها ونحن نسعى لبناء سودان التّسامح والتّعايش والسّلام، فاحترام الآخر ومراعاة خصوصيته من أوجب الواجبات علينا ونحن نحيا في بلد الإثنيات المتعددة المشارب والمفاهيم.
وفي صورة العقرب ولمس ذنبها، إشارة إلى التّهور واقتحام الأمور دون الإعداد لعدتها وعتادها، فهي دعوة إلى التّروي في التّخطيط، والحيطة لابد منها للسّلامة من العواقب المتوقعة. وفي هذا منحى من المنطق "logic " . ويتخذ من المفارقة والمقارنة مركبـًا لرؤاه في واقع الحال المعاش.
أحمد حام كتيــــــر كلّ الصّنــع فتّشّن
ؤصدّ يصدف إبلـــو وبالخلا يطششن
داير يكسر ضمي المسدار بعيد عطّشن
بسّط وصرّ شق ؤواحدات كلّهن كمّشن
والنّاقة البسوط هي التي لا تربط أثداؤها بالصُّرار، وهو قطعة القماش التي يربط بها الثّدي، فناقة بسوط وأخرى صر شقّها وثالثة مكمّشة - صُرّت كل أثداؤها – بحيث لا ترضعها صغارها، والكمش هو القبض والتقلّص. وكسر "الضمي" ، وهى من الظمء في اللسان الفصيح، وهو مابين الشّربتين للبهائم، ففي هذا المربوع ثقافة شعبية وسر من أسرار الرّعي ومعاملة الحيوان للإستفادة من خيراته الكثيرة، وهي الثقافة التي يتقنها أحمد، لهذا عاد إليها، ومثلنا السّوداني يقول: جناً تعرفو ولا جناً ما تعرفو.
وتتجلى في المربوع السّمة المميزة للهجة العاميّةالسودانية، والتي تبدل ها الملك للمؤنث نونـًا عند الجمع: فتّشّن، يطشّشن، عطّشن، كمّشن. الشّئ الذي أشار إليه العلامة الرّاحل، بروفيسير، عون الشّريف قاسم( رحمه الله)، في قاموس اللهجة العاميّة في السّودان.
حتى الرّياضة بلعب كرة القدم في البوادي والأرياف، لم تغب عن رصد الشاعر الأصيل الصدّيق محمّد العوض، والذي يرى في الرّياضة ولعب كرة القدم بالتحديد، نفعــًا وفائدة ولكن إن لعبت في ميقاتها ومكانها الصحيحين، مع تجنب مواقيت العمل في الزّراعة والرّعي، ومساعدة الآباء الكبار.
مادامْ في مَطـــر ومادام بجينا خَريفْ
أنا في رأيي لعب الكورة ماهو ظريفْ
أعْمَــــــال المَعاش لابُدّ مِنْ تَصْدِيــــفْ
أكان لي شورة حقّها تتلعب في الصّيفْ
نعم ! اختلاف الرأي لايفسد للود مع أهل الرّياضة قضية، ولقد جاء الرأي في شكل مقترح للعب الكرة في فصل الصّيف، حيث يزيد وقت الفراغ ويتسع ، وذلك لغياب الأعمال الزراعية المطرية، وهي أعمال معاش وعليها قوام اقتصاد الأرياف والبوادي فلابد من اعطائها العناية التي تستحق. وصّديق محمّد العوض داعية إلى التمّسك بالأرض والاعتماد عليها في حل كل المسائل الحياتية، وعدم مجاراة الآخرين وتقليدهم .
الزّول كان ثَبتْ في فجتو وما زَحّ
ده الأحْسن كَتير وأبْدَع كَمان وأصَحّ
خَيالات الزّمانْ ماتَجري يوت تَابِعها
والنّاس سَارحة بالزّول كانْ بَذق كانْ قَحّ
هذه دعوة طيّبة للارتباط بالأرض والدّيار، وهي تلمس وتراً حسّاساً في واقع الحياة السّودانية التي شهدت تشتت الكثير من الأسر، التي فارقت ديارها ومنازلها التي ألفتها، إلى منازل وأحوال جديدة، ربما تكون أحسن وربما لا.........
فالهجرة من الرّيف إلى المدينة ظاهرة أسهمت في ظهور الكثير من الأحوال والمشاهد ، التي نجد ظلاها الدّاكنة الكثيفة على المدن الكبرى، والعاصمة خير شاهد على ذلك ! فالأولى الثبات في المحل والفِجّة!.

قراءة في المكتبة السودانية Reading in the library of Sudan

أثر اللغة العربية على لغة الدّينكا
2005م
أ. شول دينق يونق
محاضر ورئيس قسم اللغة العربية ـ كلية التّربية ـ جامعة أعالي النّيل
تقول روزماري أوستلر في مقال لها بجريدة whole World عدد ربيع عام 2000م : إن اللغات الضعيفة تختفى بمعدل لغة واحدة كل أسبوعين.
وهناك رأي يقول: إنه بقدوم عام 2100 قد يكون أكثر من 90% من لغات العالم قد سقطت من الاستخدام وزالت تمامـًا.(المعرفة وصناعة المستقبل، د.أحمد أبوزيد، كتاب العربي، 15يوليو2005م العدد 61 ص/20).
1-منهج الكاتب: وصفي تحليلي، رصد 162 كلمة.

2-الدّينكا أكثر من عشرين بطنـًا (في بحر الغزال وأعالي النيل) الجنس الحامي.
3- موطن القبيلة: أ/شرق أفريقيا، ب/جنوب السّودان شرق بحر الغزال. قدموا من الشّمال من منطقة حول شندي.ج/ أسطورة تقول إنّهم خرجوا من الماء.
4-أسماء القبيلة:1- دينكا ( دينق كاك). 2- جينق Jieng 3- مونجانق Mony jang وتعني سيد العالم.
5- بطون الدينكا في بحر الغزال:أقار، تويج، ريك، أتوت، ملوال قيرنيانق، ألياب، قوك.
6- بطون الدّينكا في أعالي النّيل: بور، تويج، نياروينق، روت، نوك، لواش، دونجال، روينق، أبيليانق، أقير، بيلكوي.
خصائص لغة الدّينكا:
1-لاتفرق بين المذكر والمؤنث 2- لاتوجد علامة تأنيث في لغة الدّينكا.3-تتكون 34وحدة صوتية منها عشرون صوتـًا صائتـًا.4-تنقسم إلى أربع لهجات: لهجة بورBor، لهجة فدانقPadaing، لهجة ريك Rek، لهجة أقارAgar.
4- وضع أسس كتابتها أ. ن. تكر (A. N.Tucker1939) م.
5- تتكون من 27 صوتـًا أو حرفـًا. 15 منها فقط لها مقابل في العربية.
6-اتصال الجنوب باللغة العربية بعد الغزو التّركي 1821م.
تطور اللغة العربية في جنوب السّودان:
1-1821م – 1850م لم يكن هناك تطور يذكر.
2-1850م - 1884م سباق بين الحكومة التّركية والتّجار، انتشرت اللغة.
3-1884م – 1910م فترة المهدية والغزو البلجيكي، لم تنتشر بصورة ملموسة.
4-1910م- 1955م سياسات بريطانية للحد من اللغة العربية في 1922 ثم قانون المناطق المقفولة 1925م.
المناهج ومشكلة الثّنائية. عربي إنجليزي.
كلمات عربية في لغة الدّينكا:
وابور مابور / قطر قتر/ طيارة تيارة/ مطار متار/ كهربا كاربا/ شارع شار
حنفية أنفية/ طاحونة تاونا / حكيم أكيم/ بنزين بنزيم/ مخدة مكدة/ حديد أديد.
لم تقترض اللغة العربية من لغة الدّينكا.

: 1. بني جرار Banni jarrar

عن بني جرّار
من القبائل السّودانية العريقة، والتي دخلت السّودان قديمـًا ضمن الرّحلات العربية الأولى، وللقبيلة اثنا عشر فرعـًا منها :
1-أولاد جِميـۤل.
2-أولاد ربيع.
3-أولاد موسى.
4-أبو حجول.
5-أم حبيب.
تنتمي القبيلة في نسبها إلى السيّدة زينب بنت السّيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، زوجة عبد الله بن جعفر الطيّار. وتقول الرّواية: إنَّ عبد الله بن جعفر قد رزق من السّيدة زينب الأبناء:
1-علي جد الشّكرية.
2-محمّد الجَرّار جد بني جرّار.
3-عون جد البزعة.
كما تنسب القبيلة إلي جهينة، اتصالاً بعبد الرّحمن الجهني، وهو صحابي جليل من صحابة رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم. وهو من العرب العاربة.
وتنسب القبيلة إلي جدّها كامل، وترتبط قبيلة بني جرّار بأواصر القربى مع قبيلة الشكرية التى تنسب إلي عبد الله "أبي المساكين" بن سيّدنا جعفر الطيّار.
ترتبط القبيلة بروابط متينة مع معظم قبائل السّودان في أماكنها التي نستقر فيها كالنيل الأبيض، والجزيرة وكردفان الكبرى، وفي ولايات دارفور، وولاية الخرطوم. ومن تلك القبائل: الشِينخاب، سِليۤم، البَزعة، الكبابيش، الفور، الميدوب، الجِمع...إلخ.
تمارس القبيلة الرّعي وغالب حيوانها الإبل، كما تمارس الزراعة التقليدية، والتّجارة، وعرفت الاستيراد والتّصدير في المجال التجاري.
مسارات بني جرّار تفضي إلى أعالي النيل، كاكا التجارية، وبحر العرب ومناطق الجزو في كردفان ودارفور.
هناك صلة قربى بين بني جرار وقبائل الطوارق والمحاميد وأولاد علي بليبيا.
قبيلة مرابطة منذ خروجها الأول وهجرتها نصرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
من فرسان قبيلة بني جرّار، في التركية السابقة:
1-عقرب الحِزة
2-الحريۤـرين
3-أحمد النّص.
4-جلي
5-موسى ود جلي.
6-محمّد ود نوباوي حفيد الحريۤـرين الذي قطع رأس غردون 0ذكره مكي شبيۤكة في " السّودان عبر القرون".
7-كورينا.
8-يس ود مَردس.
استهدف المستعمر هذه القبيلة لمواقفها البطولية، لهذا نزع نظارتها وأضاع نحاسها الذي استعادته في الشهور القليلة الفائتة.
شهدت معارك:
1-كَجْمَر شمال بارا 2- معركة جبل أولياء 3- معارك مع جيوش نابليون بفلسطين.
هي القبيلة التي شهدت لها معركة كجمر بحـرق الحوايـا.
الأمير الحالي الأستاذ عبدالله الفاضل أحمد الجراري.
من الشّعراء المعاصرين:
آدم محمّد نور.
تقول الشاعرة الجرارية حواء بت مازن:
تبّ وتبّتيـن فـي كجمـر البنـرز
يا فارس البى حبرها وبى بردها تدز
ركز فـوق البلاد ؤحـرنت ما بتفز
جلدك يا غروز من الحديـد ما بخز
وتقول في مناسبة أخرى عندما مرت بكجمر بعد فترة طويلة:
كجمـر سلام حــوا حياييــك
بعد ما كنت بى فرسانك وصناديك
أصبحت بى بصلك وبى سواقيـك
حتّى الرّخيس بى سوطو قدل فيـك
الشّكرية أولاد محمّد وبني جرّار أولاد علي الجرّاري.
جلي والد موسى من اطلقوا مقولة " التربة ولا ريال طلبة". في التركية، ولقد قالها عندما أسر في سنار وأمره الأتراك بأن يحضر جماله للعمل في الطلبة، فأرسل لموسى ملغزاً بأن أبعد الجمال بعيداً فهو ثابت لا يتأثر بشئ.
أنا مـا بجيب لى بنات عمك عار
ولو دقدقـولي في أصابعي إبـار
فيرد عليه موسى مطمئنـًا:
كان غابت في مناخيـرن
ؤكان طلعت في عناقيرن
مناحة حليـۤل موسى
حليـۤل موسى يا حليـۤل موسى
حليۤل موسى اللى الرجال خوسه
حليـل موسى يا حليـــــل موسى
ؤتـور عنـــــزه القرنو جاموسه
**
حليل موسى يا سرير يا برير
ود أمي يا صبــاح الخيـر
ؤقلابتـك برّكـت للشيــل
ؤعزّايتك ما بتنـوم الليـل
خربانه الدّنيـا دار الميـل
***
يوم جانا الحصان مجلـوب
على ضهرو الدّرع مقلـوب
عجب عيني وسّدوهو الطوب
أبكنّـو يا بنات حـي ووب
***
حليل موسى يا مجازنو
ؤيوم سللوا الحراب منّو
اتبرسم البريـــــق سنـو
كلام موسى الليلة كيفنو
***
مـا بيـــاكل المـلاح أخـدر
ؤما بيشرب الخمر يسكـر
طلع ظيتو شال بنات بربر
***
ترى الليلة بنسمع الصيحه
والصيحة خاف مع الطيحه
***
ممــا صغيـــــــر ولــدو
فوق كوكب الدّرق ربّـو
ترى الليلة بنسمع الطنّة
والطنّـة خاف على أهلنا
تبكيـك الرّايـــــقـة تتنـى
حليل موسى قدمو للجنّة
***
تبكيك الوالـدة حزنانـه
تبكيك الخالة رمدانــه
تبكيـك النّاقـة عطشانه
تبكيك البقـرة جيعانـه
جبال كرري الليلة خربانه
***

التّمساح Crocodile

حيوان نيلي، يعيش في الأنهار العذبة التي ترفد نهر النّيل في السّودان، وهو يبيض ويدفن بيضه على رمال الشّواطئ ليفقس عن صغار يشبهون " الورل" " الوزغ"، "الحرش" وعند سكّان جنوب النّيل الأزرق يطلقون على ورل الماء "جنا التّمساح". وتدمع عيناه عند الأكل لهذا أطلق النّاس مقولة " دموع التّماسيح" على الذي تدمع عيناه افتعالاً وتمثيلاً دون حزن حقيقي.وهناك نوع من المرض يصيب الغدد الدّمعية ويؤدي إلى جعلها دائمة الدّموع.
وهو حيوان برمائي مفترس، وأنواعه تقارب المائتين وواحد وسبعين نوعـًا في العالم، وهويعيش على أكل اللحوم ويفترس الإنسان، لهذا نجده في الثّقافة السّودانية رمزاً للقوّة والبطش والصّولة، ومن أسمائه:
- اللدر.
- أبْ كريق.
- العُشاري.
- الكبجن.
اللدر العلى ضهرو الخبوب والطّيـن
ما بياكل الضّعيف ما بسولب المسكين
إلا سمة الأسد أب قبضةً هين
وللتّمساح ظهر صلب قوي وسميك عليه " الكريۤق" وهي الطبقات السميكة المترادفة التي يتخللها طمي النيل وقد تنبت عليه الحشائش، وشاعر الشّكرية يوسف أب آحميد يخاطب شقيقه دريس أب آحميد قائلاً:
الفـرع البمـوح في حجرة أب زلّيق
من فوق النّمـر تحت الأسـد حلّيـق
في الوسطى دقـر نقوة المنطّع زيـق
منّك ؤلي إدر موجـة وبشيل إطبيـق
فيرد عليه دريس بقوله:
أنا عندي الحربة للدّقر المنطّع زيق
وعنْدي الجُلَّة للـدر البشيـل إطبيق
عندي أب عشرة للأسد البحوم حلِّيق
سحبت أب نـوّة للنّمر البقولو إشفيق
......
وهنا جملة من الأسلحة التّقليدية التي تمكن الإنسان من التّصدّي لهذا الحيوان المفترس ولقد ذكر الشّاعر منها:
1- الحربة.
2- أب عشرة وهي بندقية.
3- وأب نوّة وهو السّيف.
4- و"الجلّة" لصيد التّماسيح، وهي حربة من نوع خاص، مسننة وحادّة، وتربط على سلك سميك جداً، وفي آخر هذا السّلك خشبة من النّوع الرّخو
"الطّرور"
لتطفو على سطح الماء محددة مكان التّمساح، فيتابعها الصّياد ليتمكّن منه بعد أن ينهكه بالمطاردة.
ويذخر الشّعر السّوداني بالإشارات إلى هذا الحيوان الذي شغل النّاس كثيراً، وأسهم في ثراء المخيّلة الشّعبية السّودانية، فالأشعار والقصص والحكايات والأمثال والأحاجي والأغاني لا تخلو من التفاتات إلى التّمساح وحكاياته.
أب كريـق في اللجج
ســدّر حبس الفجج
عاشميق حبـل الوجج
أنا أخوي مقلام الحجج
وقصيدة حاج الماحي المادح عن التّمساح شاهد على خطورة شأن هذا الحيوان وسطوته على ساكني ضفاف النّيل، فالتّمساح الذي أشار إليه في قصيدته قد كان مثار قلق وتوتر شديد في الشّمالية آنذاك، فما كان من حاج الماحي بفطنته ومنهجه الدّاعي إلي محبة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم الدّاعي إلى المحبة والتّواصل والتّواد بين النّاس، إلا وتوظيف هذا الحدث بجذب انتباه النّاس‘ ومشاركة همّهم من خلال نظمه الرقيق، ودعوته للصالحين من الأولياء،(رجالة البركل)، بالتّوجه بالدّعاء لله لصرف هذا البلاء عن العباد.
شي لله يارجالـة البركـل
السّهرانـة الليل ما بتكسل
التّمساح تمساحـا جسّـر
وأمرو عليكـم مابتعسّـر
.....
فوصف التّمساح بالجسارة وصف صحيح وموّفق لأن هذا الحيّوان يهاجم فرائسه بقوة وجسارة. بل يصطادها أحيانـًا وهي على شاطئ البحر "القيفة" ويستخدم في هذا ذيله الطّويل، الذي يضرب به الفريسة لتسقط داخل النّهر ليقوم بعد ذلك بافتراسها.
تمسـاح الدّميـرة الّضارب الليا
يبلع جب وجب لخصيمو جـد ليّا
"الليّا" هي المكان الذّي ينحني عنْده النهر، وهو من الأماكن التي يتوقع وجود التّمساح فيها، وتشبيه الفارس الذي يهزم، ويدمّر أعداءه بالتّمساح، تشبيه ينم عن إدراك الذّهنية الشّعبية العميق، لخطورة وقوّة التّمساح.
يتحدّث أهل السّودان كثيراً، عن التّمساح ونجده في نسيج حكاياتهم وأمثالهم، وكرامات أوليائهم، كما ورد في قصّة "جلوك"، حوار الشّيخ يوسف بن محمّد "قنديل الدّهب"، والذي اختطفه التّمساح من على شاطئ "أبوحراز" بلدة السّادة العركيين، أهل الصّلاح والطريق القادري، والمناقب الكثيرة. حيث استنجد الناس بالشّيخ يوسف الذي تصدّى للتمساح، وأنقذ منه حواره وتلميذه "جلوك"، ولازالت الذاكرة الشّعبية تردد هذا الموقف وتشير إليه. ويرد ذكر التمساح في ألعاب الصّبية، كلعبة شليل:
شليل وين راح ختفو التّمساح
شليـل وينـو ختفـو الدّودو
***
والعجيب في الأمر، أنّ هذا الحيوان المفترس، تستخرج من غدده الدّهنية، مادّة تضاف إلى الكُمْبا، والمَحَلَب، والجنزبيل، لتُنتج مايسمّى بالطيب المربّع، وهو عطر من أطيب عطور أهل السّودان قديمـًا، ولتلك الغدد اسم سوداني خالص، وهو"الدِّرَب" وربما يكون اللفظ مشتّقاً من الدِّراب، وهو الموضع الذي يجعل فيه التمر ليقِبَّ، أو ربّما تكون بمعنى الضّرى، كما ورد في القاموس. ومما ذكره الشّيخ كمال الدّين الدميري في "حياة الحيوان الكبرى"، عن التّمساح قوله:
" التّمساح اسم مشترك بين الحيوان المعروف والرّجل الكذّاب، قال القزويني: وهذا الحيوان، على صورة الضّب، وهو من أعجب حيوان الماء، له فم واسع، وستون نابـًا في فكّه الأعلى، وأربعون في فكّه الأسفل، وبين كلّ نابين سن صغيرة مربّعة، ويدخل بعضها في بعض، عند الانطباق، وله لسان طويل، وظهر كظهر السّلحفاة، لا يعمل الحديد فيه، وله أربع أرجل وذنب طويل."
وأورد عنه: أنه يغيب تحت الماء طوال فصل الشّتاء، ويعيش حوالى الستين سنة، ويُسمّي الطّائر الذي يلازمه وينظّف له فمه، بالقطقاط، وذلك لأنه ليس له دبر يخرج به فضلاته.
وأشار إلى تحريم أكله، مستنداً على رأي محب الدّين الطّبري والرّافعي، بحجة أنّه يعدو بنابه، وأن أكله من الخبث.
وللتّمساح طريقة عنيفة ووحشيّة في التهام فرائسه، إذ بعد أن يمسك بها، يقوم بتطويحها في الهواء، ثمّ يضرب بها الأرض بقوةٍ، مرات ومرّات، حتّى تهرس كلّ العظام التي بداخلها، ثمّ يقوم بهزّها في الهواء، ليذرروها فتتطاير منها العظام بعيداً، وبعد ذلك يقوم بالتهامها دفعة واحدة، وكثيراً ما يجد الصّيادون، حلي النّساء وأدوات زينتهن، في بطون التّماسيح وكذلك السّاعات، ولوازم الرّجال.
يقول الشّاعر الفرجوني أحمد عبدالله البنّا:
تمساح أدبـره الحجّر مشـارع القيف
يانمـر الفروع في الغابة ماك ضعيف
ياالضّل الرّهيـن الفي هجمة الصّيف
للدّايـرك محنّـة وللمعاديـك سيـف
حقّ الشّكـرة صح عيسى البتم الكيف
يؤسس الشّاعر صورة متخيلة لهذا الكائن البرمائي المفترس، الذّي اقتحم فضاء الثّقافة الشّعبية السّودانية، وتحوّر الآن ليصبح رمزاً للجشعين من النّاس، الذين يعتدون على الأموال ظلماً وعدواناً.
وفي المديح الذي قيل في الشّيخ العبيد ودبدر "ود ريّا":
ياتمساح الأربعين
يا مكدّب نايبك سنين
نـادر ود بـدر
في أم ضبّان ساسك متين
محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة

زيارة توثيقية لقبيلة القريّات Documentary visit to Gurayat tribe


الخميس 15/11/2007م
بادرت إدارة البحوث والتّخطيط والتنمية بتفعيل دورها التّوثيقي ،حيث قامت بزيارة ميدانية إلى مساكن قبيلة القريّات بمحليّة أم بدّة ،منطقة المرخيّات ، وضم وفد الجامعة البروفيسور أحمد الطيّب محمّد مدير الجامعة ،والبروفيسور عبدالقادر محمود عبدالله مدير إدارة البحوث والتّخطيط والتّنمية ود.سامية بشير دفع الله، رئيسة قسم التّوثيق، والأستاذ محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة، رئيس قسم التّثقيف والتّنوير والأستاذ هشام الفكي رئيس قسم التّخطيط.
ولقد استقبل الشّيخ مجدد العبيد حامد (الكبجون) شيخ قبيلة القريّات الوفدَ، مرحباً به ومعلناً سعادته بهذه الزّيارة الطيّبة . ثم قام الشّيخ مجدد العبيد بتنوير الوفد عن قبيلة القريات وسبب تسميتها بهذا الاسم الذي أرجعه إلى أحد أجداد القبيلة وكان يسمّي (قِري) وذلك لحسن إلمامه بالقراءة والتّجويد.
وسرد الشّيخ مجدد سيرة مشاهير القبيلة ذاكراً دخول القبيلة إلى السّودان وتمركزها في منطقة بوحات، واهتمامها برعي الإبل ، الشّئ الذي جعل القبيلة في مقدمة القبائل البدوية السّودانية التي تهتم بهذا الحيوان ، وتحسن تربيته مما جعلها تقوم بتصديره دعماً للاقتصاد السّوداني. ولقد أحرزت جمال القبيلة الفوز في العديد من مضامير الهجن، كاللاسوب بكسلا وغيرها.وذكر البعير " مسّاح " في هذا الصدد . ويشرف على رعاية الهجن في القبيلة حفيد الشّيخ :القلّع مجدد العبيد حامد ..
وربط الشّيخ مجدد بين قبيلته وقبيلة بدوية أخرى تقطن الحجاز وتحمل نفس الاسم "قريّات" ،وتقطن منطقة اسمها القريّات في شمال المملكة العربية السّعودية، وغير بعيدة من حدود الأردن. وذلك حسب رواية أحد أبناء القريّات والذي كان قد قام بزيارة لتلك القبيلة قبل فترة من الزّمن فوجد أنّها تتشابه في ملامحها وعاداتها مع قبيلة القريات مما يدلل على صلة تلك القبيلة بقبيلته.
الأستاذ محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة والشّيخ مجدد العبيد حامد
وجدير بالذكر أنّ البروفيسور أحمد الطّيب محمّد مدير جامعة السّودان المفتوحة ، قد افتتح الحوار مع الشّيخ مجدد, متحدثاً عن اهتمام الجامعة بالبحث العلمي والتّوثيق وتنمية المجتمع السّوداني ، مثمّناً دور القبائل السّودانية في حفظ خصائص المجتمع السّوداني.
وتحدّث البروفيسور عبدالقادر محمود عبدالله عن البرامج العلمية المهمّة التي تسعى إدارة البحوث لتنفيذها عبر أقسامها المختلفة إيمانـاً منها بأهمية العمل الميداني لجمع التّراث الشّعبي والتّوثيق للشّعراء والرّواة الثّقات .
ولقد قام الأستاذ محمّد الفاتح أبوعاقلة رئيس قسم التّنوير والتّثقيف بإدارة الحوار وترتيب خطوط اللقاء للتسجيل التّوثيقي التّلفزيوني لنماذج من شعر القريّات، بمشاركة د./ سامية بشير دفع الله، رئيسة قسم التّوثيق والأستاذ/ مصطفى عبدالوهاب سعيد المشرف الإداري والأستاذ هشام الفكي رئيس قسم التّخطيط.
واتفق الجميع في ختام اللقاء علي قيام منتدى تراثي راتب بمضارب القريّات تسهم فيه إدارة البحوث والتّخطيط والتّنمية.
                                                                                                        د. محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة


الخميس، 14 أكتوبر 2010

محمد الفاتح أبوعاقلة وعبدالقادر الكتيابي بدولة قطر Ktiapi and Abuaaqla in Qatar

استضافت الجالية السودانية بدولة قطر الأستاذ محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة، المحاضر بجامعة السودان المفتوحة، ورئيس قسم التنوير والتثقيف بإدارة البحوث والتخطيط والتنمية.
وجاءت ليلة الافتتاح الأولى يوم السبت الموافق 5/9/2009م عقب إفطار رمضان بمحاضرة عن (الدُّوبيت والمَّسادير في التُّراث الشَّعبي السُّوداني والشعر النبطي)، قدمها الأستاذ محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة بمنطقة "الشَّحانية"، حيثُ مضمار الهِجن المشْهور، ولقد شرَّف الليلة سعادة سفير السودان بدولة قطر السيِّد إبراهيم عبدالله فقيري، وفي حضور السفير السابق عوض الكريـم فضـل الله، والقنصل، عماد حجازي.
ومن مكتب الجالية السودانية: المهندس عبد الرحمن بشير، رئيس الجالية، والشيخ أحمد محمد الأمين الفادني نائب الرئيس، ومحمد ميرغني الأمين العام وعمر كمال القاضي أمين النشاط الاجتماعي، ونجم الدين حسن أمين الإعلام، وهيثم الفكي نائب المال. والأمين الرياضي الأستاذ عبدالهادي عباس.
وشهدت المحاضرة حضوراً كبيراً من أعضاء الجاليـة السودانيـة بمنطقة الشّحّانية، وشارك فيها بتقديم النماذج الحية بعض الشعراء والرواة من أعضاء الجالية بالشّحّانية، كالشاعر محمد علي عبد الوهاب، والشاعر صديق الطاهر أبو ضلع، ومحمد أحمد حمد (البوادرة)، والزيـن جاد الله الكناني، وتم في المحاضرة التنويه إلى التعاون المستقبلي المأمول بين إدارة البحوث والتخطيط والتنمية بجامعة السودان المفتوحة والجالية السودانية بقطر والمتمثل في رفد جامعة السودان المفتوحة للفعاليات الثقافية المختلفة للجالية والمساعدة في تأسيس الكثير من العمل التراثي وفق تصميم علمي سليم، بدءاً بتصميم تصور لتأسيس فرقة للفولكلور السوداني بدولة قطر.
محاضرة التراث الشعبي بمنطقة الشحانية
كما شارك الوفد الثقافي المتمثل في الأستاذ محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة وعبدالقادر الكتيابي، في فعاليات ليلة بدر الكبرى بمقر سفارة السودان بالدوحة بدولة قطر، حيث قدم الداعية الشيخ محمد سيد حاج، محاضرة قيمة عن غزوة بدر الكبرى تلتها قراءات شعرية من عبدالقادر الكتيابي الذي قدم قصيدتين في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما قرأ نصاً شعرياً مستوحًى من تجربة سامي الحاج، والذي كان ضمن حضور الليلة.
قدّم الأستاذ محمد الفاتح أبوعاقلة قراءات من الشعر الشعبي عن ذكرى بدر الكبرى، وعن المفاهيم والقيم التي تنتظم الموروث الشعبي والمستقاة من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومواقف الصحابة في جهادهم.
وجاءت المشاركة الطيَّبة من بعض الشعراء الشعبيين وهم: محمد على، وأحمد محمد حمد، وود الراوي، بتقديم قراءات من الدوبيت.
ولقد قام بتقديم الليلة الشيخ محمد أحمد حمد الفادني.
وتواصل البرنامج الثقافي بالدوحة بدولة قطر ليشتمل على زيارة لمركز أصدقاء البيئة، وفي يوم الخميس 10 سبتمبر 2009م، حل الأستاذ محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة ضيفاً على سهرة تراثية تلفزيونية يعدها ويقدمها الأستاذ الصحفي عبد الرحمن أبوشيبة، بمقر السفارة السودانية بالدوحة.
وسوف تقدم هذه السهرة من خلال برامج الفضائية السودانية في عيد الأضحى المبارك إن شاء الله. كما قامت قناة الشروق بتغطية ليلة بدر الكبرى بسفارة السودان بدولة قطر.
مع العلم بأن كل الفعاليات قد تم تصويرها بكاميرا
 DV CAM الشيء الذي يجعلها متاحة للتوثيق ضمن برامج قسم التنوير والتثقيف بجامعة السودان المفتوحة.
وضمن الرحلة تمت زيارة مطبعة ومكتبة ابن القيم بالدوحة، وجرى التنسيق مع مديرها ياسر محجوب محمد للتعاون بينها وبين قسم التنوير والتثقيف بجامعة السودان المفتوحة، كما تمت زيارة متحف الفن الإسلامي بالدوحة، وسوق واقف، والقرية التراثية، وحديقة الحيوان، والخيمة الخضراء بمركز أصدقاء البيئة، والمدرسة السودانية بقطر.
ولقد قامت الجالية السودانية بقطر بتكريم البروفسير أحمد الطيب محمد مدير الجامعة، وتقديم شهادة تقدير له لدوره الفاعل في إنجاح برامج الجالية وذلك في حضور السيد إبراهيم فقيري سفير السودان بدولة قطر.

حلقة خاصة بإذاعة ساهرون Special episode broadcast Saheron

استضافت إذاعة ساهرون وفي برنامجها المتميز "نهارات" الأستاذ الباحث محمد الفاتح أبوعاقلة والأستاذ الشاعر الغنائي التجاني حاج موسى، والأستاذة نوال إسماعيل، ودار محور الحلقة حول أغنية الحماسة في التراث الشعبي وعامل الوحدة والسلام في المجتمع السوداني من خلال عناصر الثقافة السودانية. وكان زمن الحلقة ساعتين على الهواء مباشرة وذلك نهار الثلاثاء الموافق 12/10/2010

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

من أعمالي My writings

1. الليل وألوان أخرى ديوان شعر
2. الرارايا شعر شعبي
3. مشوار طيبة شعر شعبي
4. يمرون بالقلب ديوان شعر
5. الريلة أم بنات مسرحية
6. الخليل مسرحية
7. حبال الرملة مسرحية
8. من خصائص الشعر الشعبي السوداني دراسة
9. سابع الدوي، الذرة في التراث الشعبي السوداني دراسة
10. البوح الغريب دراسة في قصيدة المولد لمحمد المهدي المجذوب

11.البرامج الإذاعية:
*دوبيت ومسادير-إذاعة ودمدني
* في خيمة الحاردلو- إذاعة أم درمان
* منتدى الثقافة- إذاعة ودمدني
* طبول السلام- إذاعةودمدني
* البرنامج الموجه لجنوب النيل الازرق - إذاعة ودمدني
* من تراثنا الشعبي السوداني- إذاعة جامعة السودان المفتوحة
12. البرامج التلفزيونية
* دروب المشاهيد - تلفزيون الجزيرة
* بوادينا - الفضائية السودانية
* السامر البدوي - الفضائية السودانية
* الحصص التعليمية- تلفزيون الجزيرة
* مشاوير ثقافية- تلفزيون الجزيرة بالاشتراك مع بابكر صديق

ومن الدراسات أيضاً
*يوتوبيا يتحدث الطمي دراسة في ديوان محمد عفيفي مطر
* علي المساح شاعراً
* البروفيسور عبدالله الطيب ناقداً

قصيدة مروي والسد Meroe dam

    قصيدة
                                            مروي والسد

                                                         محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة

يا المبروك معاك النّسمة
والضُّل والنَّدي والقيف
والمتّاكي من تالا البحر دندح
مرمي عليك كل الهيف
منَّك ؤمنْ ضراع المَقْدرة
التَّريانة عِز الصِّيف
ؤمن سوّيت سواة العزة
شفنا الخير كتير هتيف
وفيك يا مروي
تم الكيف
ؤهيلا ؤياللا هيلاك
للنَّفير لا تقيف
ولا تراعي القواسي
مع الهجير والزّيف
ؤعاين للسّماح الدّاخرو
لينـا الرّيـف
ولاك مشحود على الزَّين
التّفح ؤنضيف
تضاير ديمَّة في الأمر
العويص ؤمخيف
وتمسـح لى
جبين تَربال أصيل ؤظريف
عمارك يا المخلي
الدنيا زيقه لطيف
وده الخلاني أهوقي أرف
أطـارد الطيـف
أفتش لى صـور
ترسم ملامحك كيـف
ؤما بتنـخ زواملي
الدّافرة ليهـا رفيف
ؤخات في البال سُواة
الفاتو ولّفو للزمن وليف
ؤركزوا على الصّعـاب
ركزة قيـام السّيـف
ومنك زاد عشا البايتات
عشـم جايــات
ضَـرى التّايـات
حِجـا القاسيـات
لـزوم الضّيۤـف
ها لا تخلّي اليباس
يبتـع
ولا تسوّي اليَباب
مُشرع
ولا تقول للعشم
أقنـع
ورح نوصل
مكامن الضَّي
ونتضرَّع
مع المجمع
وكلَّ الفيها
مشتول في
التَّرى الجواني
يتكرَّع
تراها بلدنا
بلد التايه والمَرتع
محل العِمَّة والمُقْنَع
ؤهسّي الكبري والمصنع
كتير الفيهـا عِـد لسـع
فيها دَرَق سيـوف قُطَّـع
وفيهـا رَتاوة بالشُّفَّــع
فيها الـزام هـدر يمصع
وفيهـا السّـد
سمح بالحيل
ؤفايت الحَـد
ؤكرمـًا جَـد
ؤمروي شتيلة فرهيـده
سماحه يضارع الصيده
ؤجاها السَّد ؤزاد هيۤده
ؤخلَّى طيوره غريـده
ؤعيونه حلاتـه غرويده
***
محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة

حوار مع حارس البجراوية Dialogue with Begrawiya guard

حوار مع حارس البجراوية

قام قسم التّنوير والتّثقيف بزيارة توثيقية تنويرية إلى ولاية نهر النّيل، ضمن بعثة ضمّت البروفسير عبدالقادر محمود عبدالله مستشار مدير الجامعة للتخطيط والتّنمية بجامعة السّودان المفتوحة، والدكتورة سامية بشير دفع الله، مديرة إدارة البحوث والتخطيط والتنمية، والأستاذ محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة، رئيس قسم التّنوير والتّثقيف.
ومن ضمن فعاليات هذه الزّيارة ، تم إجراء مقابلة إذاعية مع حارس البجراوية، مصطفى أحمد مصطفى كرادم، عرفانـًا بالدّور الحيوي الذي يقوم به هذا الحارس، في مناحي توجيه زوّار البجراوية، وإرشادهم.
وجاء الحوار الذي أجراه معه أ. محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة، كالآتي:
محمد الفاتح: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مصطفى أحمد مصطفى كرادم، الميلاد والنّشأة .
مصطفى: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، شرق كبوشية سنة 1958م. محمّد الفاتح: أين بالتحديد؟.
مصطفى: حتّة بقولوا عليها "كوع السّريحة" ، ده محل الميلاد. محمّد الفاتح: أين هي؟
مصطفى: تبعد من هذا المكان( البجراوية) 40 كلم.
محمّد الفاتح: هذا التسجيل يتم بالأهرامات الملكية الجنوبية، وتقابلنا الأهرامات الشّمالية. متى كان تاريخ التحاقك بالآثار؟
مصطفى: تاريخ الالتحاق بالآثار سنة 1976م إشتغلت في التنقيب مع مستر شيني في المدينة الملكية، وفي سنة 1977م مع فرنسيس ( يقصد فرنسيس خوس).في الكدّادة بين التّراجمة وشندي، وفي نفس 1977م بديت مع مستر هِنكل في التّرميم كطلبة مع البنايين، والنّاس المرممين، اشتغلت معاه 77 و 78 و 80 لحد 1984م.
محمّد الفاتح: ماهو دور الطُلبة؟.
مصطفى: الدّور البنقوم بيه طبعاً مستر هينكل، جايب معاه تايم( يقصد تيم team) بتاع البنايين، الورشة بتاعة المتحف القومي للآثار والتّرميم بلتحق مع الغرف الجنائزية الأمام الهرم. الحجارة الساقطة منها نحن بنقوم بتكشيفها وتلقيطها ونقوم بدور النّظافة بتاعتها، وهو بقوم بأرقامها وبعد داك بحدد لينا المكان النختو فيها، ونحن نختو بالرّقم، حتى عرفنا يعني الأرقام، تاني بقينا نخت، يعني يرقّم لينا ونحن نخت، وهو طبعـًا بروفسير في الشّغلة دي.
محمّد الفاتح: هذه الأهرامات لمملكة مروي القديمة تحمل أرقامـًا، ماذا تعرف عن هذه الأرقام، لو قلنا الرّقم (1). مصطفى: أماني تيري .
محمّد الفاتح: ملامح هذا الهرم شنو؟.
مصطفى: والله ملامح هذا الهرم هو أمامو مقصورة جنائزية لكن هرم مركّب، مدرّج مركّب،
يختلف من الأهرامات التّانية. محمّد الفاتح: والهرم الثّاني؟. مصطفى: الهرم التّاني القريب منّو ، البعدو طوّالي، "أريكان خريري"، الزّاوية المربّعة والبعدو ستيبس (steps) الزاوية المدرجة.
محمّد الفاتح: يعني الهرم الثّاني يختلف عن الهرم الأول، في زاوية الهرم هناك برواز... طيّب الهرم الثّالث؟. مصطفى: الثّالث مدرّج برضو، وهو مجهول، وكذلك الرّابع أمّا الخامس، "أريكان خريري".
محمّد الفاتح: والسّادس؟. مصطفى: أماني شخيتو.
محمّد الفاتح: هي من الملكات، بتعرف عنها شنو؟ كدي حدّثنا.؟. مصطفى: والله "أماني شخيتو" دي بقولوا الملكة الكنداكة، وبقولوا خاضت حروب، وفي أمام الهرم بتلقى رسمتها واضحة، ماسكه أسرى، وماسكة صولجان بتاع ملك، بقولوا هي خاضت معارك. محمّد الفاتح: الهرم السّابع. مصطفى: الهرم السّابع أرقماني.
محمّد الفاتح: بتعرف عنّو شنو؟. مصطفى: "أرقماني" ده طبعـًا خاض ثورة وبقولوا اعترض وثار على الكهنة. محمّد الفاتح: تذكر تواريخ؟
مصطفى: تاريخ انتقال المملكة؟ بقولوا من بداية القرن الرّابع ق.م والخامس ق.م.
محمّد الفاتح: أسرة مصطفى كرادم عندها علاقة بالآثار؟. مصطفى: أيوه كان حامد مصطفى كرادم عمّي طوّالي. محمّد الفاتح: نمش للهرم الثّامن.
مصطفى: هو رقم تمانية مجهول ماعندو اسم، وليهو علاقة بالآثار خاصة "مستر هِنكل"، مدّيهو قيمة خاصّة، في الجانب الشّمالي من الغرفة الجنائزية، وجد الخريطة البشتغل بيها الشّادوف، حتّى لمن يجي يشرح للنّاس ، بقول أنا وجدت المهندس المن قبلي طبّق لي الخريطة التي رفعتبا الشادوف واشتغلت بيها في الأهرامات. محمّد الفاتح: الهرم التّاسع؟
مصطفى: التّاسع ده مابعرف عنّو حاجة ، هو مدرّج، لكن ما بعرف عنّو حاجة.محمّد الفاتح: العاشر؟.
مصطفى: العاشر برضو ما بعرف عنّو حاجة.
محمّد الفاتح: الحادي عشر؟ هرم ومقصورة
مصطفى: الحداشر شنك دخيتو... نمرة حداشر ده بتميّز بمقصورتين جنائزيتين مميزات. والمقصورة أمامها حورس وهو إلاله الرّأس
الصّقر ومعاهو أنوبيس. محمّد الفاتح: أدّينا وصف لحورس؟. مصطفى: الإله الصّقر ده طبعاً الإله حورس تلقى راسو صقر شامخ خرطوش غير واضح وفي اليد تلقى العَنْخ. محمّد الفاتح: نمشي لى إتناشر.
مصطفى: اتناشر وتلتاشر ديل مدّنهن أرقام لكن الخرطوش لم يتوجد فيهو كتابة تحل لهذا الملك منو، لكن ملوك عظام وأهرامات شامخة ، والرّسومات محافظة أكتر من الأهرامات التّانية.
محمّد الفاتح: دي كلّها في الأهرامات الشّمالية؟.
مصطفى: كلّها في الشّمالية. محمّد الفاتح: ستّاشر وسبعتاشر؟. مصطفى: في تسعتاشر أنا عارف اسمو
(يقصد اسم شاغله) وأول ما رممو مستر "هِنكل" بعد 1927م.
محمّد الفاتح: بالحجر الأبيض؟. مصطفى: (يشير إلى صاحب الهرم) اسمو "تِرْكي ناوال"، وهو بختلف مبني البنيان المسطّح المليس، مافيهو مدرّج مافيهو كورنر، مافيهو مربّع ياهو داك هو قدّامنا ونحن شايفنو.
بعض الأهرامات التانية، الأهرامات زي ما قلنا قبيل نحن أوصفناها مناهجه قلنا مدرّج قلنا زاوية مربّعة قلنا مليس الهو أملس يعني ، في النّهاية في إهرامات اتبنت قي الهضبة المنخفضة وإهرامات اتبنت بالحجر تِرْكِي نَاوال النّوبي المحلي في المنطقة والطّوب سألنا منها قالوا دي الفترة المتأخرّة ، واتلاشت مروي يعني.
محمّد الفاتح: منم حرّاس الآثار في المناطق التّانية؟.
مصطفى: معاوية عثمان العوض البشير.
محمّد الفاتح: ده وين؟. مصطفى: ده في المدينة الملكية. طبعا ديل قام من سنة 907 و908 جدو، طبعا كان العوض البشير بشرف على الآثار في المدينة الملكية. والأهرامات الغربية ومعبد الشّمس والأهرامات الجنوبية والشّمالية، فبعد الستينات انتقل للأهرامات الغربية بعد 77 ، بلّه حميّدة علي وهو هسّي رجل كبير وحارس، وقبل حامد الذكرتو ليك قبيل كان في بقيعاوي صالح بقيعاوي وسنة 77 اشتغل حامد مصطفى كرادم لحد كان فترتو إنتهت أخد المعاش اشتغلت بعدو أنا طوّالي من سنة 95 دهـ شغل طبعا كان رسمي لكن بدري الآثار عندي بيو علاقة في الإجازة أنا بكون شغّال في موسم مستر هنكل أنا بكون شغّال يعني ملم بالآثار طوّالي. لحد الآن شغل رسمي.
محمّد الفاتح: تعامل المواطنين هنا مع الآثار وإنتو بتوجهوهم، شنو الدّور المطلوب من المواطن ويتعامل مع الآثار كيفن؟. عندكم ناحية ارشادية؟.
مصطفى: ناس المنطقة دي طبعاً عارفين الآثار وحتّى كمان الآثار جاذبة السواح وجاذبة النّاس حتّى بستفيدو منّو يعني. زي ما انت شايف هسّع، دورم في الآثار إن شافو زول بخرّب وإن شافو زول طلع ، ما بقبلوا في الآثار حاجة طبعاً لأنو ده تاريخ يتوارثو الأجيال طبعاً، الآثار مهمتو المحافظة، والأثر هو الأثر، يعني أي حاجة في محلها المفروض ماتتحرّك من محلّها والمفروض تاخد قيمتها. عندنا هنا بنرشد الطلاب في المدارس وكل النّاس ، الذكرى تنفع قلوب المؤمنين، ما يطلع الزّول على حجر، ما يكتب تذكار أو اسمو، أو يلقى تذكار قديم على حجر، ما يطلع في قمة الهرم، يحترم الآثار ويسأل وبعدين يستفيد إن شاء الله.
محمّد الفاتح: يا مصطفى إنت عندك دراية ببعض الرّموز الموجودة على الأهرامات دي، يعني بتقول أل صن دسك، تعني قرص الشّمس، المصطلحات دي والإنجليزية إنت أخدتها من ..
مصطفى: من العلماء وحتى العلماء المرشدين، نحن طبعاً بجونا هنا زوّار، وبجي معاهم مرشد أو من ناس الآثار ناس المتحف، أي زول بناخد منّو معلومة شويّة، نسمعو قال شنو ونسألوا.
محمّد الفاتح: طبعاً اكتسبت معرفة عالية.
مصطفى: والله المجال هو طبعاً طوّل وعلى حسب الممارسة والزّول بيسأل وبيعرف.
محمّد الفاتح: شايف بعض الجمالة، ديل لترحيل النّاس؟. مصطفى: أيوه ديل بركّبوا الناس، ودي معلومة بدت من بعد 99 ولحد2000 والزّوار بمشوا متكاثرين، وفي شركة إيطالية هنا عندها إعلام يعني ناسه كتيرة، هم البركّبو من عند الفندق يجيبو هنا ويركبوا من هنا يدخّلوا، والجمال بقت برضو يعنى ليها سيرة.
محمّد الفاتح: هناك واحد من الأهرام نزل، واختفى يعني ده نمرة كم؟. مصطفى: ده نمرة عشرة.
محمّد الفاتح: سبعتاشر تمنتاشر تسعتاشر الشماليات ديلك لحد كم؟.مصطفى: الشّماليات ديل كلّها مجموعته؟.
محمّد الفاتح: الموجودة الآن. مصطفى: الموجودة الآن لحد واحد وعشرين.
محمّد الفاتح: طيّب عشرين واحد وعشرين ديل ياتم؟.
مصطفى: عشرين واحد وعشرين والله ماني عارفة، في اسم بقولوا أماني ريناس، لكن ما معروف. في إتنين وعشرين في الشّمالية ده "نِتِي كاماني"، هو ملك مهم وزوج أماني تيري.
محمّد الفاتح: لمن نجي للجنوبية هنا في أركا كاماني.
مصطفى: أيوه أركاكاماني نمرة ستّة طبعـًا.
محمّد الفاتح:الجنوبية فيها كم من الأهرامات؟.مصطفى: مدنها عدد عدد كبير.
محمّد الفاتح: كم يعني؟. مصطفى: مدنّها زي تمانين.محمّد الفاتح: لكن الموجودة وشاخصة كم؟.
مصطفى: زي عشرة. محمّد الفاتح: كدي ممكن تسمّي لينا منها؟. مصطفى: والله عارف زي تلاته، الأهرامات الجنوبية. محمّد الفاتح: قولن. قول التلاتة البتعرفن.
مصطفى: أركاكاماني، رقم ستّة، وأماني سلو خمسة، وبَرْتَاريا رقم عشرة.
محمّد الفاتح: في اختلاف بين أهرامات الجنوبية والشّمالية؟.
مصطفى: اختلافن، الأهرامات الجنوبية مافيهن الزاوية الكرنيش المربّع، والأهرامات المصطبية أكثر من الأهرامات الظّاهرة. المصاطب المحسوبة كتيرة على قمّة التّلّة، والدّفن بدأ هنا حتّى انتقل في الشّمالية.
محمّد الفاتح: يعني الجنوبية أسبق من الشّمالية.
مصطفى: أسبق من الشّمالية.
محمّد الفاتح: أنا بلاحظ إنو ظاهرة تحرّك الرّمال
وزّحفها على الأهرامات تعليقك شنو على الظاهرة دي؟.
مصطفى: والله الظاهرة دي أصلها كانت بسيطة، بدت من 84 اتقطعت الأشجار من الوادي ده الوادي الشّمالنا ده ( شمال الأهرامات الجنوبية) اسمو وادي الطّرابيل، والطرابيل دي بقصدوبو طبعاً ناسنا الأهرامات، حتّى مستر هنكل في سنة 81 ـ 82 بدا متحف كبير المتحف ده صممو على بيت الكاهن الفي معبد الشّمس. بي نفس المقاسات وجا عملوا هنا سنة 83، وبدا فيهو لحد ما انقسم النّص، جا في الوسط، وتاني مستر هنكل بقى مرّة يجي ومرّة ما يجي، والبنيان ده وقف.
محمّد الفاتح: من العلماء الكانت ليك علاقة بيهم، ده هينكل وذكرت شيني.
مصطفى: شيني ده طبعـًا دورو التّنقيب.
محمّد الفاتح: كيف كان تعاملو؟.
مصطفى: شيني ده طبعاً التّنقيب، وكان معانا دكتور خضر عبدالكريم، وكان معانا فيصل الله يرحمو ! فيصل الشّيخ، ومعانا باشّا محمّد حسن، ديل طبعاً النّاس ديل البرّه برّه، واللي توفي الله يرحمو ، شيني ده بيبدا الحفرية بيربّع الحفرية بالمتر بقيسه تمام ، بشتغل السّطحة الأولى بشيلو برّة ، وبعد خمسة وعشرين سنت بعد داك ببدا الحفر الرّسمي، نوجد الفخار في قفف وليهو ميزة وليهو سرك، القفة يعني ليها سرك، الحفرة منمّرة، نمرو كم وكده وكده. لحد ما ينتقل هناك بنغسّل الفخار، وكلو ليهو مربّعة معروفة، وقدر ما نمشي خمسة وعشرين سنت أو الأرض تغيير لونه هوبيعمل سرك للون الأرض وقدر ما نلقى قطعة بتاعة خشب موجودة جوّه أوحاجة زي دي، يقوم يسجله ويعمله في كيس ويحدد مسألتها، لحد الحفرية ما تنتهي وتصل نجيضة.
محمّد الفاتح: دايماً الدّفن بكون وين بالنّسبة للهرم.
مصطفى: في الوسط طبعا أمام الغرفة الجنائزية المعبد وهو مقبّل على الشّرق والسلّم بجي نازل طوّالي على المعبد لحد ما ينتقل قريب باب المعبد بي الجهة الشّرقية كلّها متجهة شرق. وسؤالاتنا نحن كتيرة والسّؤالات بتختلف، نقول هذا الهرم مايل يمين مايل شمال، بعض العلماء قالو يقصدوبو الشّمس يقصدوبو مدارات الشّمس أو نجوم معيّنة، تلقى الهرم لافي يمين شوّية، شمال شوية جنوب شوّية، وفي هرم هنا نمرة 22 الليهو الملك نيتي كاماني بتغيّر من الأهرامات ماخد الجنوب الشّرقي شديد.
محمّد الفاتح: مصطفى أحمد، القبيلة شنو؟ من ياتو قبيلة؟. مصطفى: حسّانيّة.
محمّد الفاتح: ياتو فرع من الحسّانية؟.
مصطفى: فرع بقولو على مزازيح.
محمّد الفاتح: المزازيح طيب الحالة الإجتماعية متزوج وعندك أسرة. مصطفى: آآي الحمدلله!.
محمّد الفاتح: عندك كم من الأطفال؟. مصطفى: تسعة.
محمّد الفاتح: ماشاء الله، مصطفى أحمد مصطفى كرادم الأهرامات الجنوبية والشّمالية من الحجر الرّملي Sand Stone، بتتآكل بفعل عوامل التعرية ومن الداخل في حشوة مفككة، ما طوب يعني.
مصطفى:الأهرامات طبعاً اتعرضت لى تكسير وتخريب، في سنة، بقولوا في سنة واحد ألف وتمنماية سبعة وتلاتين 1837 في التركية الزّمن داك الحكومة التّركيّة، ودكتور طبيب اسمو فرليني وهو مشى مع الدِّيش التركي المصري وجا غاشي الأهرامات طلب الأهرامات وبدا بانهياره من فوق، طبعاً بقصد الثّروة.
محمّد الفاتح: أيوا .... بَدو يفتشو يعني؟.
مصطفى: بَدو يفتّشو. محمّد الفاتح: يفتّشو يعني بحثاً عن الثّروات المدفونة مع الملوك ومع الملكات.
مصطفى: هرم الملكة أماني شخيتو وهو نمرة ستة، كلّو اتعرّض للسرقة !. بعض الأهرامات المكسورة هسي الكسر نحن بنشوفو انهيار كبير، نحن في وجودنا لمن تجي الأمطار السّالبة، تكون أمطار كتيرة وسالبة، بتنزّل من الحجر النّاعم وبقوم الحجر الكبير يقع وبكون ما قاعد كويس، يعني بعد زمن كل مرّة بتتساقط الأحجار.
محمّد الفاتح: يعني المنطقة دي ما منطقة أمطار كتيرة.
مصطفى: أمطاره ما كتيرة.
محمّد الفاتح: لكن بتصادف أحيانـًا تجي !.
مصطفى: أحيانـًا تجي بتزيد، في هوا قوي. إنت قبيل سألت من التّلّة بتاعة الرّمال. التّلّة بتاعة الرّمال بتتحرك. تتحرّك الفصول بتاعة السّنة.
محمّد الفاتح: يعني الرّمال بنلقاها بالجهة الجنوبية متين؟ وبالشمالية متين؟. مصطفى: مثلاً من بداية شهر خمسة لا عند خمستاشر ستة لا عند ستّة كلّو الهبوب والهوا جنوبي والرّملة بتبدا متحرّكة للجهة الشّمالية. بداية شهر واحد وشهر اتنين والفصول لحد شهر تلاتة وأربعة تتحرّك جنوب. محمّد الفاتح: الآن هي في الجهة الجنوبية. مصطفى: آآي في الجهة الجنوبية. وإن جات من شرق وخشّت جوّه الغرف بتاعة الأهرامات تغطّي وتحافظ على الأثر جوّه داخل وإن مشت برّه سالبة. إنت شفتها قبيل في الحافات بتاعة الأهرامات سالبة يعني.
محمّد الفاتح: مصطفى ، اسم الوظيفة شنو؟.
مصطفى: غفير. محمّد الفاتح: حارس يعني، حارس لى شنو؟. مصطفى:حارس للأهرامات.
محمّد الفاتح: الشمالية والجنوبية، كلهن تحت حراستك؟.
مصطفى: آآي إن شاء الله. محمّد الفاتح: دورك بالنّهار ولا بالليل، بالليل في إشراف برضو؟.
مصطفى: أنا دوري طبعاً بالنّهار. لكن بالنهار ما ماخد زمن زي عمال الحكومة البيطلعو تلاتة أو يطلعوا أربعة ، طبعاً ده شغل عظيم بتوارثو الأجيال.
محمّد الفاتح: الفترة المسائية في إشراف؟.
مصطفى: الفترة المسائية أنا بقعد أنا لحد صلاة المغرب.
محمّد الفاتح: وبعد داك؟. مصطفى: بعد داك أنا ما عندي حراسة، لكن في شرطة الآثار والسياحة ليها مدّة 3 سنوات موجودة معانا هنا.
محمّد الفاتح: نحن نتمنى إنّو هذه المناطق تتوصّل وتتصل بطريق معبّد، وتتوفّر ليها إضاءة ليلية، وهذه المنطقة منطقة قيّمة في تاريخ السّودان، نتمنى إنّها تجد العناية المثلى من أهل الآثار، ومن الدّولة عمومـًا إن شاء الله ، شكراً ليك يا مصطفى أحمد مصطفى كرادم حارس البجراوية في محلية وين؟. مصطفى: محلّية كبوشية وريفي شندي. محمّد الفاتح: شكراً جزيلاً وبارك الله فيك!.
تعليق دكتورة سامية بشير دفع الله/ مديرة إدارة البحوث والتخطيط والتنمية، بجامعة السّودان المفتوحة، على تفاصيل الحوار مع مصطفى أحمد مصطفى كرادم، حارس البجراوية.
( رجل بسيط ، لكنّه استطاع أن يمتلك معلومات عن الآثار التي يقوم بحراستها ، لا توجد إلا عند المتخصصين في هذا المجال، معلومات مثل أرقام الأهرامات كما حددها "رايزنر" وأسماء المدفونين فيها من الملوك والملكات والأمراء، متى ما توفّرت المعلومة، بل ويعرف تفاصيل عن هندستها: أملس، مدرّج ، مبروز....الخ. ومعلومات أخرى. والمدهش حقـًا أنّ كل ما ذكره صحيح.. لم يخطئ أبداً. وعندما يقول لا أعرف!، يكون ذلك بسبب غياب المعلومة عمومـًا. إنّه يستحق الإشادة والتّكريم.).
***

حوار الماضي والحاضر Dialogue, past and present

حوار المـــاضي والحاضر
محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة

بين الماضي والحاضر حوار مستمر، وهو من السّمات التي تسمّي حياة النّاس عبر كلّ المواقيت والأماكن. وهذا حوار نافع ومفيد لأنه يؤدي لتصحيح مسار الحياة، ويضبط توجهها نحو الأفضل والأكرم للنّاس.
هناك العديد من الشواهد التي تدلل على هذا الحوار في تراثنا الشّعبي السّوداني، والذي ينبع من ارتباط النّاس وحنينهم للقديم والماضي، ومحاولة المقابلة بين ما كان وما هو كائن في واقع الحياة المعاشة.
يقول الشّاعـر عبد العظيم
العبيد التّوم "السّدراني"، وهو
من مواطني قرية "الرّفاعيين
الفـوق"، بولاية الجـزيرة،
محـلية شــرق الجـزيرة،
مخاطبـًا فتيات اليوم:
أحَمْـدَنْ رَبَّكَـنْ واتْبَاشَـرَنْ بِالخِيـۤرْ
زَمَنْكَن فَاقْ عَلِىۤ الزَّمَنْ القِبِيۤل بِالحِيۤل
سَفَرْكَـنْ ذَاتُـو سَاهِلْ تَرْكَبَنْ مُوۤدِيلْ
وَقُودَكَنْ غَازْ مُو الفَحَم الشَّرَارُو بْطِيرْ
***
أحَمْـدَنْ رَبَّكَـنْ ؤصَلَّـنْ الأوْكَـاتْ
زَمَنْكَنْ أخِيۤر كَتِيرْ مِنْ الزَّمَانْ الفَـاتْ
لباسكن جايي مستورد كمان موضاتْ
وقـُودْكَنْ غَازْ ومَا فَزَعُولُو بِالبِلْـدَاتْ
***
فالمقارنة بين وظائف الغاز، من ناحية، والفحم، والحطب الذي يحتطب "يفزع" له النّاس قديمـًا بالبلدات- وبعضهم لازال يفزع ويبحث عن الحطب في البلدات والغابات القريبة- من ناحية أخرى، تشير إلى تصالح هذا الشاعر مع الجديد في مجتمعه.
وهذا يقارب قول الشّيخ علي محمّد قيامة (رحمه
الله )، وهو من "الكُتُوتَاب" ضواحي تمبول:
الزَّمَـنْ العَليۤنَـا أحْسَنْ عَليۤ القُبَّالُـو
وَالنَّاي البَعِيـدْ عَجَلْ السِّفِنْجَة دَنَالُـو
أبُوثَرْوَة البِضُوضِحْ لا الصَّبَاحْ نَشَّالـُو
أمْسَى الليلَـة فِي مَهَلَة وسَرُورَة بَالُو

هذا تقرير صريح عن فضل الزمن الرّاهن، وتنويع على إبراز محاسنه. فصاحب الثروة أي البهائم، الذي كان يتعب الليل كله وحتى الصباح الباكر للحصول على الماء لبهائمه، أصبح اليوم مطمئن البال! كما أن السّيارات السّريعة قد قرّبت المسافات وأدنت البعيد للنّاس.
ولعبد العظيم بابكر زروق الكردوسي- من الكراديس قرب القضارف- رأي مغاير للرأي السّابق:
كَانْ الجِيلْ زَمَانْ خُـدْرَة وْصَفَارْ نَايرِينْ
مِنْ دَخَلْ الكِريۤم فِي شَبَابْنَا جَـا البُشْتِيۤنْ
تَجِيـكْ الوَاحْدَة زَي كَبْسُولَة بِى لُوۤنِيۤـنْ
الوَشْ ضَـاوِي لامِـعْ زُرُّقْ الكُرْعِيـۤن
***ْ
يَا حْلِيـۤلْ الزَّمَـنْ قَبَلْ الحَضَـارَة تْجِيـنَا
زَمَـن النّاس قلوبن طيبـة صافية حنينة
زَمَـنْ المَـرَأة غِيـۤرْ كَفِّيۤـنَا مَـا بْتُورِيِنَا
زَمَـنْ البَقَــرَة بِـىۤ جِيرَانَـا بِتْعَشِّيِـنَا

الصُّورة3: بيت الشـُّقَّة من الشَّعَر لدى قبيلة رُفَاعة. تتدلى منه مصنوعات للحياة اليومية وللزِّينة (متحف صغير متجوِّل).

قراءة أولى في دوبيت البروفيسور عثمان وقيع الله


قراءة أولى في دوبيت
البروفيسور عثمان وقيع الله
د. محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة
قدمت هذه القراءة الأولى ضمن فعاليات الاتحاد العام للتشكيليين السودانيين، أمسية السبت 3 يناير 2009م بمتحف السودان القومي، كمشاركة من قسم التنوير والتثقيف بجامعة السودان المفتوحة، في تأبين الرّاحل الشاعر الأديب التشكيلي العالمي، البروفسير عثمان عبد الله وقيع الله. وهو من مواليد رفاعة 1925م، متزوج وأب لابن وثلاث بنات. توفي يوم 4/1/2007م.
درس الفقيد بخلوة جده الفقيه أحمد إبراهيم وقيع الله، وبمدرسة رفاعة الشرقية الأولية بنين، ومدرسة رفاعة الأميرية الوسطى، وكلية "غردون" التذكارية، وكلية "كامبرويل" للفنون الجميلة ( لندن، 1946م)، وكلية "سيتي آند غلدز" للفنون (لندن)، معهد "كورتو" لتاريخ الفنون (لندن)، ومعهد الخطوط العربية (القاهرة)، كلية الفنون التطبيقية ( القاهرة)، كما حصل على إجازة خطاط من الخطاط المصري سيد إبراهيم.
شارك في عدد من المعارض والمناسبات الفنية:
معرض بيت السودان لندن 1947، معرض الفنون الأفريقية (مركز كامدن للفنون_ لندن)؛ مهرجان العالم الإسلامي (جامعة لانكشير)، مهرجان العالم الإسلامي (جامعة أم درمان الإسلامية)؛ معرض الرّواد (قاعة الصداقة الخرطوم)، معارض دورية بالمملكة المغربية؛ مؤتمر دراسات السودان العالمي.
أقام معارض فردية في كل من:
جامعة كنت، معهد كنتربري للفنون، معهد جامعة أكسفورد معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية، المتحف الوطني دمشق، كلية سوانسي الجامعية، كلية سيتي أوك برمنجهام، جامعة درهام (بريطانيا)، ويستمنستر (لندن).
ومن مساهماته:
إدخال فن الكاريكاتير للسودان، مادح وشاعر غنائي يتقن الدّوبيت، تصميم دواوين شعر عالمية، والجنسية السودانية المميزة بوحيد القرن، تصميم جواز السفر السوداني.
تصميم أول عملة سودانية، تصميم طوابع البريد والعلم السوداني القديم، تصميم أوراق اعتماد السفراء لدى وزارة الخارجية.
هناك شاعر من هُذيل ذكره أحمد بن فارس في مجمله، يقول عن الغربة والسفر، الذي عرفه وعركه شاعرنا ،(على بحر الوافر):
إذا لمْ تَحظَ في أرضٍ فَدعها
وحُثِّ اليَعْملاتِ على وَجَاها
ولا يغرُرْك حظُّ أخيكَ فيها
إذا صَفِرت يمينُك من جَدَاها
ونفسَك فُزْ بها إن خِفْتَ ضيماً
وخَلِّ الـدَّار تَنْعي مَنْ بَنَاهَا
فإنك واجدٌ أرضـاً بأرضِ
ولستَ بواجـدٍ نفسًا سِواهَا
ونجد أن شاعر البطانة يوسف (ودعبشبيش)، رحمه الله، يقول محرضـًا على الهجرة والنفور من مضارب الفاقة والكسل:
مَـالا الحِلَّـة والقَعْـدَة الكَتِيـرَة مْروضَـه
أخِيۤر لَي رَقْدَة فِي الغَابَـة البِينْتُـر دُودَه
البَرْطَمْهَــا بِشْبَــه كَبـْدَة المَغْـدُودَة
عَنَـى لِى هجُومْهَا قِرْد بِيۤلا المَصَعْ بِى الفُودَة
يوسف ود عبشبيش شاعر يرسم بكلمات وألفاظ الدوبيت، ويشكل عوالمه ورؤاه ونلمح عناصر التشكيل في قوله:
صِيۤـدَه مَخَرتَتاتْ أسْهَامْهَا مِيهَا خَشِينَة
رُقَّـًا بَاقِي فِي جُوۤفْهَـا المِرَاقْدَه عَسِينَة
المَوْزُونَـه مِـي دَهَبَـة كُنُوزْ ؤخَزِينَة
ولا بِياصْفُوهَا بالسَّاعَة الرُّبَاطْهَا كَتِينَـة
عناصر التشكيل في المربوع السابق:
1. مخرتتات: هذا عمل الإزميل.
2. أسهامْها: أطرافها التي شكلت .
3. ميها خشينة: هنا ضربات الصنفرة للتنعيم ونفي الخشونة.
4. رق الجوف: حركة زائدة للازميل.
5. المراقده عسينة: الأرضية التي يضعها النحاتون لتماثيلهم.
6. الموزونة: هذا هو التناسب الخاص.
7. مي دهبة كنوز: ليست موزونة بميزان الذهب .
8. ولا بياصفوها بالساعة: وليست موزونة بميزان آلة الوقت (الساعة).
ومن دوبيت البروفسير الشاعر عثمان وقيع الله:
(بلقيس الفريق)
(بلقيـس) الفَرِيق سِتْ الجَمَـال والمَجْــدِ
كُلْمَـا أشُوفْ وجِيۤهكْ بِيـۤكِ يِزْدادْ وَجْـدِي
والشُـوۤف والسَّلامْ والبَسْمَة مَا عَادْ تَجْدِي
أنَا مسَاهِـرْ بِى طِيۤفِـكْ وإنْتِ مَا بِتْهَجْدِي
***
طَرْطَاشة العُقولْ حَتَّى الصغَـار في المَهْدِ
لوّايـْةَ الرُّقـَابْ تِتْشَابَى ليۤـك تسْتَجْـدِي
بَهَـرْتِ الصِّينِي والسَّكْسُوني والبُولَنـْدِي
ؤبهدَلْـتِ المَعَاكْ إنْ عَربِي كانْ أوْ هِنْدِّي
***
سِليمَانْ شافِـك اتْنَبَّـى ورَطَن لاونْـدِي
حلف زي قولو فيك ما بجيبو زُولاً أفندِي
صرصر في التبادي حسيسو زي الجُنْدِي
وانْتَهَـى بِـىۤ نَهِيقَاً نَاقْصُو بَسْ بَرَبَنْدِي
***
ؤ(ودْ الرِّيفْ) يِكُــوۤرِكْ فِيـك (آآآخ يا وعدي)
و(الكَاوْبٌوي) يكَفْكِف فِي قَمِيصْ(جيمس بوندي)
ؤ( شَافْع الإنِقليـز يهتـف(هالو ماي فريندي)
يِهَوهُـوا وإنْتَ فِـي هَيبـة رَئيس الجُنـْــدِ
***
حَفيـِدةْ الحيّـَّرتْ أفْكَـارْ مُلـوكْ الوَجدِ
لو شَافِـكْ (عُمَـرْ) شَمَّ النَّسيـمْ النََّجـدِ
ؤ (سيِّد) كانْ يِقُولْ(جُوهرْ جَمـالِك فَرْدِي)
و(العَبَّادِي) يِشجى ؤجـدّو كانْ ليۤك يشدِي
***
ويۤـنْ الحَاج سَروۤر يِشْرَح ويغَازلْ الوَرْدِ
ويـۤن كـَروانْ مُلوكْ النِّيلْ يِغَرِّدْ ويَهْدِي
ويۤن ودْ مَاحِي وأل بِى رِيقْهَا تَرْوِي الشَّهْدِ
ويۤن عَبد العزيز وفَينوسُو خَلَفَتْ وعْدِي
***
مَجْدِك أصِيلْ ؤمَوروثْ مِنْ قَدِيمْ مُو دقِنْدِي
ؤحَارْسِك هَا الضَّمِيرْ لُو كْرَاية لُو جَرَبَنْدِي
مَحاسْنِك فِي الكِتابْ وَارْدَة وجَبِينِـك يِنْدِي
بِكْرِي البـُّن ضحَى فِي بُيْضَـة البَاشَنْدِي
***
كَضَابْ البِقُـولْ أوْفَـاكِ قُولُـو تَحَـدِّي
وصْفِـكْ عِنْدِي كُلُّـو البَنْـدِ بَعْد البَـنْدِ
ؤعهدك عِنْدِي حَافْضُو لامِنْ أدْخُل لَحْدِي
(بلقيس) الفـَرِيقْ: (صَفوة جَمَالِك) عِنْدِي
***
هو شاعر يشكلُ الجغرافيُّ والنسيجُ الإنساني والإرثُ الثقافي الشّعبي، بكل ثقله عوالمَه الإبداعيةَ التي تنبثقُ منها رؤاهُ لعالمٍ سمحٍ وجميلٍ ومتسامحٍ وجمالي. فتعاطيه مع الدُّوبيت بهذا النسق، وهذه المربعات المتقنة، دالة على منطلقه ونزوعه إلى اليومي المعاش، وغالبِ همِّ الناس في غدوهم ورواحهم، في بيئة لها تاريخٌ مفعمٌ بالرَّواءِ البدويِّ وما زالتْ أصواتُ الشَّجنِ القديمِ تترددُ في ساحاتها وتصدح بها حناجر الطيبين، أهلِ الإبلِ والمشال و(النُشوقِ) و(الشُّوقارة). فهو متصالح مع المكون الاجتماعي لوسطه الذي نشأ فيه. تهمس لنا أشعاره الشّعبية باعتداده بهذه الأرضية التي استندت عليها رؤاه وخطوط وجده الكوني العفوي؛ فلا فصام بين التحضر والانتماءِ إلي القديم الحي النابض مع دفق العروق والذوق الذي يسكن المرئياتِ، فتتخلقُ عوالم من الضوءِ والظلالِ والألوانِ والمفاهيم، لحوارِ الآخرِ الذي يعتد بثقافته وذائقته الخاصة- وحق له ذلك- ويتواصل من خلالها مع الآخرين؛ فالحديقة لا ترفض الأزهار والرياحينَ والورودَ التي تتلونُ وتتنوعُ فيها، بل ترقصُ طربًـا فراشاتُها ويطيبُ عطرُ هوائها متضمخاً بهذا الثراءِ الجمالي.
إن استدعاء ذاكرة الغناء الشَّعبي من حقول الحقيبة في عصر ازدهارها في حضرة: عبدالله الماحي، وكرومه، وعمر البنا، وسيد عبد العزيز والحاج محمّد أحمد سرور، والعبادي، وصالح عبدالسيد... الخ، منحى توثيقي وتضمين لبؤر الجمال التي نهل منها فيوضَ وجده. وهنا إشارة إلى مكامن الحس الراسخ في عصب الفنان المسكون بالجمال أنَّى كان وحيث حل؛ إن ملوك الوجد، قادرون على التواصل الحميم مع مشاعر المترعين بالذوق ورهافة المشاعر.
القاموس عنده قاموس شعبي اقتحمته مفردات البندر وتشده إلى واقع لا فكاك منه. فالتسجيل التصويري، وعدسة الرصد الفني لا تتجنب المفردات التي تؤدي إلى القطع المفاجئ، وخطرات "الكولاج" وتقاطعِ عناصرِ "المونتاج" المثمر المخصب للنَّص في تناصٍ، هو من تجليات تقنيةِ الإبداعِ العالمي، وشاهدٌ على التسامي والانفلاتِ من الرتيبِ المتماثل. (بِكري البن ضِحى في بيضة الباشندي)، وهذا هو الباشندي الذي عناه الحاردلو في مسدار صيده:
أبْ عَـرَّاقْ فَتـَقْ قَرْنُـو المِبَادِر شَرَّه
والبَاشَنْدِي عَمَّـتْ مَهْششيـۤبْ الـدِّرَّة
مِنْ النَّقْرَة كُلْ حِينْ فُوۤقْ عِليۤو مِنْصَّرَّة
شَاحْد الله الكَريمْ مَا تَلْقَى فِيهُو مَضَرَّة
الواقعية السحرية تغمز بعينها وتبتسم في دهاء وذكاء، فهناك حوار منتزع من المسامع اليومية في أسواق السودان ومنتدياته الشعبية في رفاعة وتَمْبُول وبَرِيدَة والطليح والطُنْدُب والسَّيَّال والكُتُوتاب والغِصيۤناب، والهِلالية، والرفاعيين، وغيرها من قرى وحواضر شرق "العَادِيۤق" - النيل الأزرق- والذي يوردُه باسمه في نص قادم مطلعه:
عُـودَة عِيدْهَـا ليۤك عِيـدِينْ ؤعيـدَك عُوۤدَة
لِى العَاديۤكها عَادَى القِيۤفْ عَدَاوْة أبْ خُـوۤدَة
طِينْهَا عُصَار ؤعِيۤشْهَا عَدَار ؤقُطْنَتْهَـا دُودَة
وأهلـها في الّلحـَم دُودَاً قَنَـص للصِّيۤـدَة
والدّراما وخطوطُ صراعها ومقوماتُ تشخيصها، تسترق السمْع من خلف كواليسها، وستارةُ مسرحها يهزُّها طربٌ خفيفٌ، فينتزعُ من محياها طيفَ ابتسامةٍ راضية بالحس الكوميدي الذي يتسرب من بين مسامات نص أستاذنا البروفسير عثمان وقيع الله رحمه الله رحمة واسعة.
ومن شعره (مسدار عيد رفاعة)، والذي تغنى به المطرب الشعبي معتصم حسن الأمين (التّماري):
سَـلامْ سُودَانِي مِنْ سُودَانِي لِىۤ سُودَانِي
حِسَّـك بِى حُلُـولْ العِيـدْ هَتَـفْ نَادَانِي
ؤحَالِي نَا شِيۤنْ ؤحَالَك زِيۤن ؤخَيَرك دَانِي
ؤتِيـهكْ يا الرِّهَابْ فِي دَاهْيَة تَبْ وَدَّانِي
***
دُعَاشِـكْ هَبَّ بالذِّكْـرَى المِوَلِّعَـة جَانِـي
زَادْ شُوقِي وعَليـۤك فِي الغُرْبَة زَاد هَجَجَانِي
وصْلِكْ بَاتْ مُحـَال وأسْبابِـك الهَاجَّـانِـي
مِنْ عَـاذْلاً جَهُــولاً بِى الفَقُـر هاجَـانِي
***
صابْحَة عِيدْ بَعيدْ فِي الغُربَة طَالْ سَرَحَانِي
وِكْتِيۤـنْ القِمِيـۤـر يِتْوَارَى فِي لَمَحَـانِي
شُفْـتَ وِجِيۤه بِكِيرْة أبْ خَنْجَـرْ البَطْحَانِي
ؤطْرِيتْ القِبيۤـلْ رَاحْتِـي وشَمِيـمْ ريْحَانِي
***



سلامْ يَا دِيـارْ قَبايــلْ صَافِنَات فُرسْانِي
شِعْـراً أصيلْ يفُوقْ نَاسْ طَرْفَة والحَسَّانِ
شِعْـراً فِيكْ صَحِيحْ لُو صَـدَقَة لُو إحْسَانِ
في أمْجَـادْ دِياركْ بيـۤن شَبَابْ وحِسـَانِ
***
بَهْجَـة جِيلْنـا سِتات الشيـول والشَّـانِ
حَافْظَاتْ العهُودْ مَا سْمِعْتَ فِيهِنْ شَانِـي
غِيۤـرْ غَنَّايِنْ الصَّدَّاحْ (بِحَق مَنْ أنْشَانِي)
(بَسْ طِيۤفِـنْ مَنَـامْ يِغْشَانِي لَو يِغْشَانِي)
***
ربـَّات الحَيـَا السَّحَـر البَعِيـدْ والدَّانِي
قَامَن فِي حَنَانْ فِي عِـزْ عَفَافْهِـن دَانِي
سَابْلاتْ سِتْرَهِـنْ سِتْـر القُطُوفُو دَوانِي
وإنْ سَفَـرَنْ مُحَـالْ يِمْتَدْلَهِـنْ مِتْدَانِي
***
تَبَـارَكْ خَالِقِـنْ الحُسْنَهِــنْ رَبَّـانِي
زاهيات المحيا أمـات فِريۤعـًا بـَـانِي
شُوۤفِي كَتِيرْ ؤزَي شَبَهِنْ مُحَـال يِغْبَانِي
فَضَـح الرِّيفِي وأخْجَل صُفْـرَة اليَابَانِي
***
ؤمَا بتِتْلَمَّى إلا عَلَـى السُّهَـادْ أجْفَـانِي
حَتَّى الكَانْ صَدِيـقْ اليُومْ جَفَلْ جَافَانِـي
ؤحَتَّى الخَاتُّو لَي خِل وأوفيتو مَا أوْفَانِي
نَحَرْنِى ضِحَى ورَجَع سُوۤلَبْنِي مِنْ أكْفَاني
***
قُـولْ للعَـاشْ عَلى عَالَـة ؤقَفَلْ مَجَّـانِي
يِمُصْ فِي حَر دِمَـاي زَي القُرَادْ مَجَّـانِي
أبْنِي أنَا وتَهِـد- ؤنِتْسَاوَى كِيۤـفْ يَا جَانِي
بَاكِـرْ للقَصَــاصْ بَرْجَـاكَ مَا بْتَرْجَـانِي



كأننا نقف عند الصورة النادرة التي رسمها ود الشلهمة للجبال وهي تتغطى بكُجَر التعول (السحاب)، في قوله:


قِبْلِيـكْ سَابِقْ اللّيلِي وصَبِيبـُو انْحَــتَّ
ضُهْرِيكْ سَاوَقْ أُمْ بـَرَد البِيرْمِي سَقَطَّـه
سحْبِـكْ دوۤدى فُوقْ عَلاو ضُهُورِك خَـتَّ
جَبّـالك جَبـَدْ كُجَــرْ التِّعُـولْ واتْغَـتِّ
***
السفر محمل للحزن ومرارة للذكرى التي تغشى الناس الذين يحملون أوطانهم في تفاصيلِ وجودهم الإنساني، فلا يملك الواحدُ منهم إلا أن يكونَ "هو"؛ بكل ذكريات منبته ومربعِ صباه وتشكلِّه البشري.
للأعياد مقدرة على انتزاع الناس من رتابة الأيام، وشدِّهم لأيام سامر الصَّفو ولهو الأتراب والجيران والأحباب ودفء العشيرة.
لقد دلل أحمد الأمين القدال أحد مشاهير الدوبيت وصييتيه، وهو من أبناء قوز الأحامدة بمحلية شرق الجزيرة بولاية الجزيرة، على قابلية دوبيت البروفسير عثمان وقيع الله وصلاحيته للترنم به بروايات النّم والدوباي، فكان اختياره لقصيدة رفاعة (مسدار رفاعة) كشاهد على ذلك، فتغنى بها على الربابة خلال هذه المساهمة.
عـودة عيدها ليك عيـدين ؤعيـدك عودة
لى العاديكها عادى القيف عداوة أب خودة
طينْها عصار ؤعيشها عدار ؤقطنتها دودة
وأهلـها في اللحـم دوداً قنـص للصيـدة
***
قال ليك الدفع ميتين في منديـل موضـة
قـام من نومـو لقى كومو ولففها بريـده
"حسَّك راح- زمـن ما سمعنا ليك قصيدة"
"اتنقلـزت خليـت الديـار لـى سيدهــا"
***
مُـو جَاهل العَليۤكْ لكنُّـو قَصْدُو مَكِيـدَه
حَاسْدك حَتْ عَلى الغُرْبة البِرَارِي جِلۤيـدَه
هُو ليۤهـا يِحِج وإنْتَ الفِيهَا صِرْتَ زَهُودَه
صَلاتَه وَفَا وصِيامَه خَفَا وسحُورَه مَدِيدَة
***
قُتْ لِيۤهُو: "الدِّيَارْ يَا زُوۤلِي الله يِزِيـدَه"
أنَا سِيدْهَا وكَمَانْ خَدّامْ جُبَالْهَا وبِيـدَهَا
وأنَا سُودَانِي مَا "اتْنَقْلَزْتَ" والمَرْيُـودَه
كُلْ صُبْحًا جَدِيدْ لَي فِيهَا نَمَّة جَدِيــدَة
***
مَرْيُودْتَك ؤلِى غِيۤـر الدِّيارْ مَـا فِي رِيۤدَة
رِيۤـدَة قَدِيمَـة رِيۤـدَة سَلِيمَـة رِيۤدَة أكِيدَة
رِيۤدَة صَحِيحَه رِيۤدَه نَصِيحَة مَاهَـا بَلِيـدَة
رِيۤـدْة الرُّوحْ:وجُودك إنْتَ نَاقْصُو وجُودَة
***



رهاب تتوارى حينـاً واضحـة حين مفقودة
ؤفي الجوف نارها زي لهب الحريق موقودة
في الصحـو في المنام إيـدك دوام في إيدها
متكلبـش براك في الغربـه ماش بى قيـدة
***
نفســك في دعاشـه مكتحــك هبُّودهـا
داقَّـاك مطرتـه وطوينهـا أكلتو عصيـده
طارشة إضنيك مع الساري البخوّي رعودها
لى قمريهـا قاجِّي شـرك سبيب مو حديدة
***
شمسك عينها بدرك دور تمام في خديدها
سـرك في فؤادْها وحار دماك في وريدها
ريّـك ريقْهـا صافي ؤفاكهتـك في نهيده
كلما ليلْهـا طال الطيب عبـق في عويدها
***
حبابها ألـف حبابهـا ديـاري وافـر جودْهـا
عامره بخيرها اكان في رمالها كان في سدودها
بس ناقص الضراع الكـان بهـز بى جريدهـا
طاش للعملـة صعبة ؤرزقـو طين مو حديدة
***
إتشتتنـا كتحـة عيـش حياتنـا زهيـدة
تُّب الغربة: قيمة الروح سطـر في جريدة
كلابهـا سمـان ؤسائلـه قدتـن مشدودة
أخيـر العودة- قـال: "النِّيَّه زاملة سيدها"
***
ؤلى المريوده في كل ساعه دعوه وعوده
ؤعودة عيدها ليك عيدين ؤعيـدك عيدها
ؤصبراً لى لقا الفي جيـدها ضاوي عقيده
يوم يجي يوم لقاها "المانش" بتقطعو خوده
***
في قوله: "طينها عصار ؤعيشها عدار ؤقطنتها دودة.
وصلاته وفا وصيامه خفا وسحوره مديدة". وفي: "ريـدة قديمـة ريدة سليمة ريده أكيـدة.
ريدة صحيحة ريدة نصيحة ماهـا بليـدة".
هي "القُودات"، أو النَّقر الموسيقى للتّكثيف الصَّوتي، لإشباع الدلالة ولتنمية الحركة وتجسيدها، وهذا وارد في شعر الدُّوبيت والمسادير، وبخاصة عند عبد الله حمد شوراني: " مُهْرة نيم ؤلبخ ؤجنينة"، وفي قوله:
نَايرْ ؤنَادِي عَالِي عَلِي الشَّبَابْ إسْكيۤلُو
وفي هذا حفاوة بالموسيقى مع مراعاة الشكل العام والبناء البصري للنَّص، بترادف حروف الصاد والراء، للصفير والتكرير وهذا "تصاقب" مع المعنى المراد.
الشَّاعر ونصه المعافى من الاستلاب وفقدان الهُويِّة، رغم العوامل المحيطة وعزلة الوجه واليد واللسان، في بلاد الصقيع والضباب لم "يتنقلز"، بل يستدعي أسماء الشخوص الحميمة إلى النفس: سليمان والكاوبوي ؤود الريف، كما رصدنا في النَّص السابق.
وفي هذه اللوحات الإنسانية الجميلة السهلة الميسورة للعامة، يتأكد لنا هذا التحصين ضد الاستلاب؛ فمفردات الديار المختزنة في الوعي واللاوعي مضادات صامدة أمام ضربات المدهش الموجع المضاد، الذي يخترق التقاليد والأعراف الراسخة لمجتمع متوازن وغني بالتجارب الاجتماعية الحيّة.
كل هذا في تشكيل يرصف المفردات بعفوية ونثر طلق من القيود اللسانية الصارمة فلسان العامة سهو رهو يتداعى مع التفكير الحر .
مع صراع (Conflict)، الكتل والظلال والأضواء نجد الكلاب السمينة في البلاد الغربة والمحتفى بها جداً في مقابل السائل الذي يصفه الشاعر بأنَّه "القِدَّة المشدودة"، وفي هذا التعبير، معنى واضح وإشارة صريحة لبؤس الحال. فلا رديف لحال السائل إلا هذا الجلد المسلوخ من رقبة البعير والذي جف وشُد. فهنا حركة في وسط السكون والجمود. فاللفظة "مشدودة"، تسد مسد الحركة وتسمي غير المنطوق، والمسكوت عنه في فضاء المربع الشعري.
"رهاب تتوارى" هي الرؤيا التي تفر هاربة بينما يلاحقها الفنان بكل أدواته، مع فوران داخلي يحفز النفس على مواصلة المطاردة التي هي قطعـًا بلا نهاية منتظرة؛ وهنا مكمن الفن وسر براعته وحرفيته وجدواه.
انتظار الذي يأتي ولا يأتي كانتظار "جودو"، هو هذا المأمول المحرض على الاستمرار في العطاء الإبداعي رغم الحواجز والمحبطات من الأمور.
وصيغة المبالغة التي نشتمها في "المانش بتقطعو خودة"، ليست كما هي في باب المستحيل والغير ممكن بل هي تعبير عن الدافع القوي والإرادة القوية.
هناك ملمح لاعتراف ضمني بفاعلية الدوبيت كجنس ثقافي شعبي. وهذا امتداد لرأي البروفيسور عبدالله الطيب (رحمه الله) وعدد من علمائنا الجلة الذين يرون هذا الرأي.
"اتشتتنا كتحة عيش"، "نا" الجماعة دالة على كثرة الاغتراب في زمانه وضرورة الهجرة لطالبي العلم والمعرفة. وهنا صورة عذبة منتزعة من المشاهد السودانية البحتة، وتُنْسجُ العناصرُ الكاريكاتيريةُ من مكونات المربع الشعري، فنعي الإنسان لا يُفْسَحُ لهُ غير سطر في جريدة. وهذا هو المعادل الموضوعي لقيمةِ الإنسان هناك، على غير المألوف في مجتمعنا الذي يُكرم الإنسان حيًّا وميٍّتا، ويذكر محاسن موتاه.
إتْشَتَتنا كَتْحَة عِيۤـشْ حَيَاتْنَـا زَهِيدَه
-------------------الخ
وتوظيفُ الأمثالِ في النُّصوصِ الشعريةِ الشعبيةِ لازمٌ لتعضيدِ المعنى وتقريبهِ من متناولِ الإنسانِ الذي له عنايةٌ خاصةٌ بأمثالهِ التي هي ركامُ خبراته وتجاربه ومخزن عاداته وأعرافه، وذكريات معاشه "النِّيَّة زَامْلَة سِيدْهَا". والهاء الممدودة هذه بصمة صوتية تشي بالمكان الذي هو قطعـًا شرق النيل الأزرق "العَاديۤق" قبالة رفاعة، وهي تقترب كثيراً من هاء الغائبة في الفصيح. وكما في:
"قام من نومو".
حَبابْها ألِفْ حَبَابْها دِيـَاري وَافِر جُودْها
---الخ
عنده أن الديار غنية بخيرها، ولابد للمهاجر منها أن يكون مدفوعـًا بدافع جدير بالاحترام والتقدير، وليس العملة الصعبة لوحدها، فعنده أن خيرات دياره هي العملة الصعبة الحقيقية.
وعندما يصبح الرزق "طينا"، بدالة المصطلح المحلي يصبح في محل "القَمَاح" والخسارة. فالعيش الطين والرزق الطين، معنى يدركه الإنسان السوداني بدون كبيرِ عناء، وعنده مقابلٌ لهذا المصطلح: الرزق "الحديدة"، وهو مقابل مبتكر من قبل الشاعر ليقف في مقابل "الطين". وفي هذا معنى واقعي للكسب الحقيقي الجدير بالهجرة ومعاناة فراق الديار. وهو متتم "للضُراع"، وهذا رمز للكدح والعمل ويَحملُ الكثيرَ من الإشارات والعلامات والدلالات المعنوية في الثقافة الشعبية السودانية.
وحين يَهُزُ "الضُرَاعْ" بالجريد، نقف على ترميز لهذا العنصر الحضاري الذي تعرفه الثقافة السودانية منذ مئات السنين، وفي الفترة المروية بخاصة كرمز لطول العمر المديد والحياة الطويلة.
إحساسنا بالكتابة الإبداعية في شهود الموروث الثقافي العريق قائم، فالجناس والطباق والمقابلة والتورية لا بد من اشتمامِ رائحتِها ولمسِ رونقِها الموروثِ من خلال الأشياء المتراصة في محمل النصوص الشعرية الشعبية لشاعرنا المبدع، مثل:
أوطاني --------------- محاوطاني.
أجفـاني --------------- جافانـي.
وأوفيتو ما أوفاني، والشان ------- فيهن شاني.
والحَسَّان ---------- لو إحسان ---- ؤحِسـان.
ؤخيرك داني ---------- تَبْ ودَّاني.
زاد هججاني ------ هاجـاني ----الهاجـانـي.
"البِرَارِي جِليۤده"، و"صبحي أوراد".
***
إن القراءة الأولى لنصوص الشاعر المبدع التشكيلي العالمي الرّاحل البروفسير عثمان وقيع الله (رحمه الله)، لا تفيها حقها ومستحقها من النظر والتّدبر. بل هي ضربات عشوائية لريشة الرّسام المغامر الباحث عن الرؤى التي تفر هاربة – عسى ولعل. وهذا ما كان منّي، وإنا أواجه هذا العطاء السوداني الحي، الذي يختزن خبرة هائلة وتجربة إنسانية رفيعة. فهو جهد متواضع أسعى من خلاله لتأسيس مقاربة شعورية مع هذا الإبداع الجمالي. وستتواصل هذه الضربات ما دام النص واعداً بكل مباغت ومدهش، وهذا ما أثق فيه تمامـــاً.
(محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة)